التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خطاب إلى موريسكا.. | الكاتب السامري

خطاب إلى موريسكا "نص من الرواية"..

دَفعها الفضول إلى فتح المَظروف بأصابع قد غَمرها التَعرُق الشديد، فوجدت ورقة صغيرة مَطوية بداخلِه، أخذت باِلتقاطها، وألقت بثُقلِ جَسدها على المَقعد، ثم وضعته فارغًا على المنضدة التي كانت تَستند عليها بإحدى قَدميها، تاركتًا كل شيء آخر من شأنه أن يُشتتها.
أرجعت ظهرها على المَسند الخَلفي بأريحيٍة تامة، وأغمَضت جِفنيها بشهيق نفسٍ عميق، كي ما تُهديء من ضربات قلبِها الخفَّاق. بدأت بفتح الخِطاب بتروٍ مُربِك، وهَمت بقراءة ما كتبه إليها بين سطور حُبِرَت بدمع القلب، وكلمات تعوَّجَت حروفها إثر اِرتعاش قلم كان يرتجف في يدهِ بضراوةٍ.
فوجدت ذلك الخِطاب:
- - -
"رُبما لن أتمكن من رؤيتِك مُجددًا، إلا صُدفة.
كما كانت بدايات لقائنِا معًا، هيَ أيضًا صُدفة.
ولكنك سَتبقين دومًا بوتدِ عشق، قد خَيّم في قلبي وعقلي بسُكناه أبدَّ.
فأنتِ من فَتحت عينايّ على حُب، لم يكُن لي أن أتذوقه؛ إلا منكِ!
كطفل كان يَحبْو نحوكِ على الأراضي الوَعرة، حتى بلغ الوصول إليكِ مُتألمًا.
فرُبما..
قد يكون القَدَر هو من سعى إلى الفُرْقَة، ونحن قد قبلنا الخنوع لرغبتِه.
لأننا لسنا بعد أقوياٍء؛
كي نواجه أنَّات هذه الحياة الكاحلة!
لكنني على ثقة، بأنني سألتقيكِ ثانية في غفلةٍ قدريّة.
وقد تكون تِلك الكلمات، هيَ أخر ما سوف يَصلك مني.
ولكنني أردت فقط إخباركِ..
بأنكِ لن تُمحِيني من مُخيلتِك، مهما حاولتِ النسيان؛
لأنكِ على يقين من أنني،
أحبُكِ!"
((الفقير الذي أغناه الله، بقلبٍ نابض!))
- - -
طَوّت الخِطاب بنَهَم دمع يتلألأ من جفنيها مُنهمرًا، مُفارقًة بأول خِطاب حُب قد كتبه إليها، غير نادمة على اِبتعادٍ بدا إليها صائبًا؛ إذا ما كانت الفُرْقَة بقرارٍ مُسبق مِنها!
بدأت الأجواء تزدحم من حوِلها، فأخذت تَلتَقِط دفاترها واحد تلو الأخر وهيَ تمسح دموعها في عَجلةٍ لاهِجة. قاصدةً مِرحاض الجامعة لاِغتسال وَجهها، تجنبًا لإثارِة فضول زميلاتها بالسؤال عن أمرها، وفَور اِنتهائها من تنميق مَلبسها واِستعادة رونق طَلتها كاملة بمساحيقِ التجميل. ثم توجهت إلى قاعة المُحاضرات لبدء يومها الدراسي المُعتاد، بإبتسامةٍ زائفة!
* * *
#رواية_موريسكا
#موريسكا #الحب_المهاجر
#ريمون_سامري

تعليقات